اردوغان لا يملك مشروع سلام
- مقالات سياسية
- 09 ديسمبر 2023
- 152 مشاهدة
هناك خلط واضح وتعامي اوضح عن حالة تطور وضع القضية الكردية في شمالي كردستان واسلوب تعامل الحكومات المتعاقبة على سدة الحكم في تركيا معها. منذ استلام اول رئيس مدني للحكم في تركيا بعد الثورة التي اعلنتها حزب العمال الكردستاني تم طرح موضع القضية الكردية على طاولة النقاش وقد طرح حينها الرئيس المدني الاول بعد حكم العسكر المباشر اوزال شكل الحكم الذاتي وهو ما سبب في اغتياله ،وظهر اول حزب سياسي علني يمثل الكرد في ذلك الحين واستطاع ان يرسل اكثر من عشرون نائبا الى البرلمان من بينهم ليلى زانا وخطيب دجلة وسليم صاداق الذين قضوا اكثر من عشرة سنوات في السجون التركية لتمثيلهم للقضية الكوردية ومحاولة طرحها بالشكل الذي يتوافق مع التطورات الثورية على الارض، وبعدها كان مسعود يلماز الذي حاول السير بشكل ما على خطى زعيمه اوزال ولكنه اصطدم بالعسكر الذين كانوا يمسكون بمقاليد الحكم دون ان يحكموا رسميا .ثم جاءت تانسو جيلر التي طرحت النموذج الباسكي كحل بالرغم من ان الحرب في فترة حكمها كانت على اشدها بين العمال الكوردستاني والجيش التركي ،حتى عهد اجاويد الذي كان اشدهم عداءا ولكن لم يفتقر الى طرح الحل بعد ان اودع اوجلان السجن لجعله مرنا كما طرح حينها والتفاوض معه على وقف الحرب وفعلا امر اوجلان بوقف اطلاق النار من جانب واحد حينها وارسل عدة مجموعات لتستسلم للحكومة التركية في بادرة حسن النوايا .لقد خف حكم العسكر في فترة اجاويد وما بعد واستطاع ان يغير بعض البنود التي تقيد صلاحيات رئيس الوزراء، وكذلك كانت الحركة الكوردية المؤسساتية تتوسع من خلال حزب الشعب -الكردي – والاحزاب المتلاحقة بعده ،وكانت القضية الكوردية تطرح بشكل جدي في وسائل الاعلام التركية ،واستفاد الحزب من الهامش الديمقراطي ليعزز تواجده ويشكل قوة شعبية من اجل فرض القضية الكردية ولهذا قاموا بالمظاهرات والمسيرات وكذلك المناسبات التي استطاعوا استغلالها لايصال القضية الى الرأي العام،
كان لطروحات اوجلان السلمية الدور الاساسي في تهدأت الوضع وعدم التصعيد ،ولهذا لم يكن امام اردوغان بعد تسلمه الحكومة الا محاولات افشال اية مساعي لحل القضية الكوردية وقد اعلن الحرب في البداية ان كان بواسطة الطيران او القوة العسكريةالبرية الا ان حزب العمال الكوردستاني ظل محافظا على تطبيق تعليمات اوجلان بالرغم من الخسائر الكبيرة التي كان يتكبدها من جراء هجمات الجيش التركي لا بل وصل الامر بالحزب ان نفذ رغبة اوجلان في ابعاد القوة العسكرية من شمالي كوردستان في خطوة واضحة من الخضوع لرغبة حكومة اردوغان حتى لا تتحجج اكثر وتتهرب من طرح حل للقضية ،ولكن بقي اردوغان بدون مشروع سياسي لحل القضية الكردية وهو حتى الأن لا يملك اي مشروع بعكس الذي سبقوه من رؤساء ،بل كلما تراخى اوجلان كان الشدة والانكار تتلاحق من قبل حكومة العدالة والتنمية ضد الشعب الكوردي ،
لقد كانت معركة زاب ب ۲٠٠۸ العامل الذي ادى الى ان يدرك اردوغان بان القضاء على ال ب ك ك بالطرق العسكرية امر غير ممكن لهذا حاول من خلال التواصل مع اوجلان السجين في جزيرة ايمرلي ان يهدأ الوضع دون حله بسبب حاجته الى نمو الاقتصاد الذي لا يمكن ان ينمو الا في حالة اللاحرب هاجسه الاول ،وبالاستفادة من وقف اطلاق النار من طرف واحد الذي اعلنه الحزب استطاع ان يحقق نمو في الاقتصاد وتغيرا في العديد من القوانين التي كانت تعيق تطبيق افكاره ،وجاءات التطورات الحاصلة في تركيا وشمال كردستان تماشيا مع الحالة الديمقراطية التي كانت تتوسع بفعل نضال الشعب التركي وثورة حزب العمال ، لقد استفادت الحركة الكردية من التغيرات والتشريعات التي كانت حكومة حزب العدالة تقوم بها لتعزيز مكانته الجماهيرية وتقوية سلطاته الادارية ،
لم يكن بمقدور اردوغان منع انتخاب عثمان بايدمر لرئاسة البلدية بالرغم من محاربته له كذلك لم يكن يستطيع منع ممثلي الكورد وصول الى البرلمان بالرغم من انه ابقى على حاجز العشرة بالمائة ۱٠%حتى لا يصل الحزب الكوردي الى البرلمان.
ما تحقق على الارض من مكتسبات هي بفضل الثورة من الجبال والسجون والنضال العنيد لاعضاء وانصار ومؤيدي حزب العمال بالرغم من محاربة اردوغان ومحاولاته منع تلك الانجازات،وخير مثال على ذلك هو اعلانه للحرب مرة اخرى بعد تخطي حزب الشعوب لحاجز اردوغان ووصوله للبرلمان كقوة لا يستهان بها مما افقده الغالبية في تشكيل الحكومة وهذا ما دفعه للهجوم على قنديل بطائراته الحربية والبدء باعتقالات جماعية بين انصار ومؤيدي الحركة وقد افتعل مقتلة برسوس-سروج – وقتل الشرطيين ليقوم بعملياته العسكرية ضد مواقع الحزب بالرغم من نفي الحزب علاقته بمقتل الشرطيين.
خلاصة القول: اردوغان من اخطر واكثر الرؤساء عداوة للقضية الكوردية ولولا وجود اوجلان ومحاولاته المستميتة في محالة فرض السلام على اردوغان والتنازلات التي يقدمها لكان الوضع مختلفا تماما الان ،
باختصار اردوغان لم يتوقف عن حملات التمشيط او القصف او قتل الكرد في يوم من الايام ولم يقدم اي مشروع حقيقي ذو نقاط محددة لحل القضية الكوردية لا بل حتى قبل ايام هدد ونفى وجود قضية كردية واعلن ثوابته بعلم واحد وشعب واحد ولغة واحدة .
حسين عمر
28/07/2015