بروكسل تلتحق بباريس
- مقالات سياسية
- 09 ديسمبر 2023
- 141 مشاهدة
حركت اعتقال صلاح عبد السلام الإرهابي الذي كان من المفترض أن يفجر نفسه ضمن الملعب اثناء المباراة بين فرنسا وألمانيا في باريس، بعد مدة من التعقيب والملاحقة -المياه الراكدة في البنية التحتية للتنظيم الإرهابي في بلجيكا. حيث الخلايا النائمة المجهزة، التي تنشط على الأراضي البلجيكية منذ عشرات السنيين بعلم حكوماتها المتعاقبة، وذلك من خلال شبكة متشعبة من الجوامع والجمعيات الخيرية الإسلامية الممولة من السعودية التي تعمل بشكل علني على التبشير ونشر الأفكار المتطرفة بين الجالية الإسلامية والتي تتألف بغالبيتها العظمى الاتراك والمغاربة وهم معروفون بتزمتهم وتمسكهم بمعتقداتهم وتطرفهم.
لقد غضت الحكومات البلجيكية الاشتراكية المتعاقبة النظر عن نشاطات التنظيمات الإسلامية المتطرفة في سبيل كسب أصوات الجالية الانتخابي ولهذا أصبحت بروكسل مرتعا للتنظيم الإرهابي ومنطلقة في تنفيذ عملياته الإرهابية على طول اوربا، لقد انطلق منفذو الهجوم الإرهابي في مدريد عام 2004 من بروكسل وكذلك لندن 2005 وباريس 2015 كل هذا ولم تحصل في بروكسل اية عملية منظمة بل حصلت عدة هجمات فردية قام بها متشددون.
جدير بالذكر بان بلجيكا تضم ثاني أكبر جالية إسلامية في اوربا ويتم تدريس المنهاج الإسلامي في مدارس بروكسل وغيرها من المدن الكبيرة بشكل رسمي واغلبية مدرسيها تلقوا دوارتهم التدريبية في السعودية كبعثات على حسابها او في الجوامع الخاضعة لتأثيراتها، ولهذا يخرج من المدارس البلجيكية نفسها جيل اصولي ينظر الى غير المسلمين نظرة عداء باعتباره لا يطبق تعاليم الدين الحنيف كما يرددون. هؤلاء لا يتأثرون بالثقافة الغربية الا ما طاب لهم واغلبهم متطفلون على الدولة،
لماذا تحركت الخلايا النائمة الان وضربت قلب بروكسل في وقت لم يكن هناك توقع حتى على المستوى المخابراتي حسب المراقبين لأي هجوم من الضخامة التي حدثت. لم يكن خوفا من ان يعترف صلاح عبدالسلام أو ان تستطيع الحكومة الليبرالية البلجيكية في الحد من العنفوان الاصولي المستشري بين جاليتها المسلمة من المكونين التركي والمغاربي , بل باعتقادي الامر مرتبط بالقيادة او الامر أن صح التعبير , قبل سنوات كان الامر سعوديا ولكن تحول الى ان يكون تركيا وهكذا بسبب الثورة السورية استطاعت تركيا ربط اغلبية التنظيمات الإرهابية داخل سوريا والعراق بنفسها وسيطرت على الخلايا التابعة لها والموزعة على الساحة الاوربية وليس بخاف على احد بان العملتين الاجراميتين في كل من باريس وبروكسل حصلتا بعد تحذيرات من الرئيس التركي لا بل نشرت وسائل اعلام قريبة من الحكومة عنوان تعتبر بلجيكا دولة إرهابية بسبب سماحها لانصار حزب العمال الكردستاني بنصب خيمة اعتصام بجانب المقر الأوربي تنديدا بجرائم اردوغان وجيشه ضد الشعب الكردي .
لقد كانت العمليتين الانتحاريتين مروعتين بكل المقاييس أحدهما في صالة انتظار مطار بروكسل الدولي والأخر في مقطورة لمترو الأنفاق الذي يستخدمه أكثر من نصف مليون شخص يوميا.
يبدو أن الحكومة البلجيكية أمام تحد كبير للسيطرة على الوضع، لان تشبع وتوزع وبنية التنظيم الإرهابي لم يعد كما كان تحت المراقبة فهو بدأ يخرج عن المألوف بالقيام بعمليات غير متوقعة، مما يعني خروجه عن السيطرة وهذا ما سيفرض على الجهات الأمنية تغير أساليب تعاملها ومراقبتها ولن يكون ذلك سهلا.
اوربا التي هادنت داخلها ودعمت خارجها التنظيمات الإرهابية أصبحت الان في مأزق لا تعرف كيفية الخروج منه ,لقد استفادت الحركات الأصولية من قوانين الحريات الشخصية واستغلت كل ثغرة فيها لتدفعها نحو الانفتاح أكثر على السماح بممارسة معتقداتها واسست بذلك قاعدة قانونية ودستورية لا يمكن التراجع عنها بسهولة وبدأت تفرض وجودها وتواجدها على الساحة الاوربية بقوة لابل صار الأوربي يخاف من الحديث عن التصرفات العدوانية الصادرةعن المسلمين ومنها محاولاتهم مصادرة الحريات الشخصية فهم كما هو معروف يرون من حقهم اتهام الغير بالكفر ولكن يصدون كل ما يحاول افهامهم بغير ذلك .
يبدو أن الشهور القادمة ستكون قاسية على كل اوربا بسبب تدفق اللاجئين ومعها زيادة في النزعة الإرهابية داخل الجاليات الإسلامية الأصولية.
حسين عمر
2016