المقالات

المقالات

زيلان

Hussein Omar
  • 1 مشاهدة view

زيلان
كانت هبون تمرر بأصابعها بين خصلات شعر رفيقتها زيلان وتجمع باقة منها في يد وتكرر المحاولة لتجمع باقة أخرى ولتبدأ بجدلها .
لزيلان شعر طويل , ولهذا كان لا بد لأحد رفيقاتها أن تقوم بمهمة جدلها التي تأخذ وقتا” ,
نهرتها هبون وقالت: هفال اعملي بنصيحي وقصي شعرك .ألا تشعرين بثقل وزنها فوق رأسك..
ضحكت زيلان.
زيلان المقاتلة ذو الثلاث والعشرون عاما” قضت منهم خمسة سنوات مقاتلة مقاومة من أجل الحرية, تعشق الشعر الطويل. ترى بوجودها بقايا الإحساس بالأنوثة التي تضمر بفعل عدم ممارسته والتفكير به.
أنها تعيش حياة مختلفة في كل شيء ,في المأكل والمشرب والمنامة والتحرك. يصبح السلاح والحقيبة الظهرية جزءا” لا يتجزأ من حياتهن وحياتهم ,يتمحور- تفكيرهن – تفكيرهم- بكيفية تحقيق الهدف الذي يقاتلون من أجله -حرية الشعب الكوردي وتحرير أرضه-
قالت زيلان لهبون : سأحتفظ به أنه يجعلني اشعر بالسعادة .يجعلني مميزة ,
في المساء جاءتهم التعليمات للتحرك نحو جبال باكوك المطل على سهل نسيبين . جهزت المجموعة بسرعة أعرضها المكون من السلاح والجعب والحقيبة الظهرية , اجتمعوا وودعوا رفاقهم الذين وقفوا بترتيبهم العسكري للتوديع. وبدأوا التحرك واحد وراء الأخر بمسافة لا تقل عن الخمسة أمتار ,,المسافة التي يجب عليهم قطعها ليست بطويلة كالعادة ولكنها محفوفة بالمخاطر بسبب إجبارية مرورهم بين القرى المعادية ومناطق تواجد قطعات العدو بكثافة ,لا طريق أخر سواه ألا اذا حاولوا الالتفاف على منطقة مدياد مرورا” بأومريا ومن ثم إلى باكوك , التي ستأخذ منهم أكثر من يومين من المسير ,لهذا فهم يختصرون الطريق الذي لا يتعدى الخمسة ساعات مرورا” في منطقة تكثر فيها الكمائن المعادية .
كانت زيلان في منتصف المجموعة تسير وراء هوزان لم يكونوا يسيرون بشكل متواصل بل كانوا يقفون كل فترة ليذهب رفيقين أمامهم لاكتشاف الطريق ومعرفة اذا كانت هناك كمائن أم لا ..وتبدأ بعدها المجموعة تسرع الخطى في محاولة لقطع المسافة الأكثر خطورة , ولكن يبدو أن العدو كان يترصدهم ,
طلب ريبر من المجموعة أن يجلسوا وارسل خبرا” أنه يشك بوجود العدو حولهم .
ريبر : رفاق اعتقد أنننا وقعنا في الكمين ,لا يمكننا العودة إلى الخلف , علينا المتابعة ولتكن أصابعكم على الزناد .وبكل تأني تابعوا المسير نحو الأمام ولكن بحذر شديد ومسافات تعدت الخمسة أمتار , وفجأة سمعوا صوت صخرة صغيرة تتدحرج , أدركوا فورا” بأنها انزلقت من تحت رجل أحدهم , تمالكوا قليلا” وتنصتوا نحو جهة الصوت الذي توقف وتوقفت أنفاسهم معها .لم يكن أمامهم سوى متابعة المسيرة بسرعة بعد أن تأكدوا بانهم بين العدو ,الذي يتحين الفرصة المناسبة لأطلاق النار عليهم , أسرعوا الخطى ,انحنوا ظهورهم وزادوا من المراقبة بالرغم من الظلام المخيم .
بدأ الرصاص ينهمر من الجانب المطل عليهم , ارتموا ارضا” وبدأوا الزحف نحو الأمام , كان هناك تعليمات بأن لا يرد أحد على مصدر النيران كي لا ينكشف مكا نهم ,خرقة طلقة مضاءة إلى الأعلى ولكن هوزان لحق بها وأصابها كي لا تنير المنطقة ويراهم العدو .لقد كانت الطلقات القليلة التي اطلقها هوزان كفيلة بأن يوجه العدو نيرانه إلى جهته ومحيطه كانت زيلان تتبعه , أصيبت بطلقة في كتفها الأيمن , ولكنها حاولت السير لحق بها وارشين وساندها حتى تستطيع المتابعة, في هذا الأثناء كان ريبر ورفيق أخر له قد وصلوا إلى بعد أكثر من مئتي متر في محاولة منهم لتوجيه أنظار العدو إلى جهة أخرة غير جهة تواجد رفاقهم وبدأ برشقات من أسلحتهم نحو مواقع الكمين وهذا ما ساعد بقية المجموعة أن تبتعد عن مصدر اطلاق الرصاص ليلتحق بهم ريبر ورفيقه ,في الوادي الذي نزلوا به توقفوا وحاولوا معرفة هل الجميع موجود وعدد الجرحى ,
كان جرح زيلان فيه بعض الخطورة بسبب النزيف المتواصل, وجرح أحد الرفاق الأخرين خفيف لا خطورة عليه. حاولوا ربط الجرح كي يقللوا من النزف حتى الوصول إلى النقطة المحددة لهم.
في الصباح ومع بزوغ الفجر , ارسل المرصد خبر مراقبته واعلن خلوا المنطقة من العدو ,كي يبدأ المقاتلون التحرك بحرية من تجهيز الفطور وغلي الشاي والجلوس معا” ..وأول ما قاموا به هو التوجه نحو زيلان كانت جدائلها تبان كعود غصن رمان أحمر بعد أن جف الدم عليها .
ضحكت وارشين وقالت: هفال زيلان ما هذا الغصن النابت من رأسك , ومسكت الجديلة بيدها كأنها تمسك عودا” قاسيا”.
قالت زيلان : وبالرغم من ذلك لن أقصها .ساعديني بغسلها.
حسين عمر
20-11-2014

{“data”:{“prop_list”:[],”product”:”aweme”}}