المقالات

المقالات

الخلاف والتوافق في العلاقات الغربية التركية

Hussein Omar
  • 67 مشاهدة view

5يناير 2022

لا تختلف الدبلوماسية الغربية عامة والأمريكية خاصة مع تغيير الرؤساء ولا الحكومات او الكونغرس بل تستمر كما هي مع تغيير بعض الخطط واستخدام أساليب مختلفة في بعض القضايا للوصول الى الهدف المرسوم مسبقا في الدوائر المغلقة ومن قبل اشخاص لا يعرفهم العامة ولا يظهرون او يتباهون بإنجازاتهم او (عظمة) خططهم، الجماعة تلك تترك الإعلان والشرح والتنفيذ لمن يتم اختيارهم لإدارة المرحلة التي هم بصدد تفعيل مقتضياتها والعمل على تحقيق الأهداف الموضوعة مع ترك هامش كي تظهر الإدارة على انها هي واضعة الأهداف، وخير دليل على ما ذهبنا اليه هو تعامل الإدارات الامريكية المتعاقبة مع الحكومة التركية بقيادة اردوغان منذ 2002 وحتى الآن. في بداية حكم حزب العدالة والتنمية رفضت الحكومة التركية حينها في العام 2003 ان تستخدم الولايات المتحدة الأراضي والقواعد الجوية التركية في الحرب على نظام صدام حسين في العراق، كانت هذه هي المرة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية -منذ قبول النظام التركي الدخول تحت المظلة الامريكية وعضوية حلف الناتو- على معارضة الطلبات الامريكية وعدم السماح لها باستخدام الأراضي التركية، كان الرد التركي مفاجئ حينها بالنسبة للمهتمين لا بل رفضت التعاون او السماح للقوات الامريكية بالتمركز على الحدود والانطلاق منها نحو الداخل العراقي وربطت أي تعاون او تنسيق بالموقف الأمريكي من القضية الكردية، طلبت تركيا توضيحات مفصلة حول دور البشمركة ومشاركتهم في المعركة المقترحة والخطط الامريكية المستقبلية بخصوص (شمال العراق الكردي)، رفضت أمريكا، رفضت الأخيرة الابتزاز التركي ونتيجة لذلك اوعز اردوغان الى البرلمان بالتصويت ضد مشروع قرار يسمح للقوات الامريكية استخدام الأراضي التركية للهجوم على العراق.

توترت العلاقات بين الجانبين، كانت الحكومة التركية تعتقد بان أمريكا لن تستطيع اجتياح العراق دون مساعدتها والانطلاق من أراضيها ولن تستطيع فتح جبهة من إقليم كردستان بالاعتماد على قوات البشمركة، وحصل ما لم تتوقعه حيث بدأت أمريكا بشن هجومها البري انطلاقا من الكويت وكردستان نحو بغداد. فشلت عملية الابتزاز التركية لهذا قررت حكومة اردوغان الموافقة على استخدام المجال الجوي التركي على الرغم من رفض مجلس النواب، وقررت الزج ببعض من قوات الكومندو الى الأراضي العراقية وتحديدا الى إقليم كردستان، لكن الحكومة الامريكية لم تعر للموضوع أهمية لان قياداتها العسكرية كانت قد وضعت خططها العسكرية وبدأت التنفيذ دون وضع الأراضي او المجال الجوي التركي في الاعتبار. حاولت حكومة اردوغان الاستفادة من حالة الحرب لتعزز من تواجدها العسكري في إقليم كردستان الذي كان ينحصر في المنطقة الحدودية، ولكنها أرسلت هذه المرة مجموعة من الكوماندوس الى مدينة السليمانية لكن البشمركة اعتقلتهم وسلمتهم الى القوات الامريكية وتم شحنهم بشكل مهين وابعادهم الى تركيا.

الشيء الملفت بان الرفض التركي والتوتر الذي حصل حينها لم تؤثر على العلاقة الاستراتيجية بين الطرفين من جهة الولايات المتحدة التي تحملت الصدمة وتابعت مع الحكومة التركية وكأن شيئا لم يكن، بقيت الحكومات الامريكية المتعاقبة تتودد للحكومة التركية وتحاول ارضاءها ان كان في الداخل التركي او خارجه حيث دعمت وبشكل متواصل التدخل التركي في إقليم كردستان وكذلك بعد الثورة السورية خلقت الأرضية المناسبة لتتسلم تركيا قرار المعارضة السورية (الائتلاف الوطني السوري) وربطت جميع المجموعات المسلحة بالقيادة العسكرية التركية ووضعهم تحت اشراف الميت التركي من خلال غرفة موك التي شكلتها في عنتاب وفتحت المجال لتركيا للسماح للإرهابيين من شتى بقاع العالم للدخول من أراضيها الى الداخل السوري والعراقي، لقد كافأت الولايات المتحدة بالتنسيق مع روسيا حكومة اردوغان بالسماح لها باحتلال المنطقة الحدودية الممتدة من جرابلس الى اعزاز والباب، على الرغم من ان تركيا اسقطت الطائرة الروسية قبل ذلك وازعجت أمريكا وقواتها التي بدأت تدعم وحدات حماية الشعب التي دافعت عن كوباني حتى حررتها بالتعاون الوثيق مع التحالف الدولي التي شكلته الولايات المتحدة ليكون غطاء لحملتها في سوريا.