المقالات

المقالات

ترامب بوتين اردوغان…تجاذب وتشارك

Hussein Omar
  • 77 مشاهدة view

يتسارع مخطط الاستيطان في المناطق المحتلة من الشمال السوري. عشرات العوائل التي قبلت بان تستوطن دار وارض الكردي الذي تم قتله او تهجيره من قبل الجيش التركي على المساحة الممتدة من عفرين وحتى سري كانيه (راس العين ). 

في رحلة تتجه من داخل الأراضي التركية لتصل بهم الى الجنة التي وعدهم بها اردوغان، (الجنة) التي تجري فيها انهار من الدم، اراقها العدوان الهمجي التركي مع مرتزقته السوريين، لتأخذ مساكن واراضي  الأمهات الثكلى والأطفال الذين دفنوا تحت انقاض البيوت المدمرة وصراخ المسنين الذين لم يستطيعوا الهروب من القنابل التي تساقطت عليهم من البر والجو، في عملية تغيير ديمغرافي واضحة لقطع اوصال الاهل والاقرباء الذين يعيشون على طرفي الحدود السورية التركية المرسومة بينهم بعد الحرب العالمية الأولى، وانهاء الوجود الكردي فيها، الوجود الذي تمتد جذوره آلاف السنوات عبر التاريخ.

لا غرابة في ذلك اذا عدنا قليلا الى الوراء، وبحثنا في تاريخ المنطقة التي تعرضت لعمليات مشابهة منذ ما سمي بالاستقلال، وحتى الآن.

حاولت الحكومات السورية منذ الوحدة مع مصر والى وقتنا الحالي دفع الكرد للهجرة، وتفريغ المنطقة منهم. وتسارعت الخطط مع استيلاء حزب البعث على السلطة، حين استولى على الأراضي الزراعية لعشرات الالاف من العوائل الكردية  تحت عنوان الإصلاح الزراعي، الذي كان احد أهدافه الأساسية دفع تلك العوائل الى ترك المنطقة، والبحث عن مورد العيش في مناطق أخرى.

ظهر المخطط جليا ابتداء من عام 1973، عندما بدأ توطين الالاف من العوائل الذين تم جلبهم من محافظة حلب والرقة، وزرعهم في المنطقة المسماة بخط العشرة، الممتدة من عين ديوار على نهر دجلة وصولا الى سري كانيه “رأس العين”، في عملية تغيير ديموغرافي واضحة المعالم، والتي أدت الى هجرة عدد كبير من العوائل الكردية الى المدن السورية الأخرى، بحثا عن لقمة العيش بعد ان تم مصادرة “الاستيلاء” على أراضيهم الزراعية، لكن هذه العملية لم تنجح في افراغ المنطقة من الغالبية الكردية،  كما كان مخطط لها من قبل حزب البعث، بالرغم من قلة فرص العمل والظروف المعيشية الصعبة للكورد فيها، لكنهم حافظوا على بقائهم فيها، مما افشل جزئيا مخطط القوى العنصرية في هرم السلطة السورية.

مع بدء الثورة السورية تأملت العوائل المتضررة من المخططات المذكورة أنفا، في عودة الحق إلى أصحابه، من خلال إعادة الحقوق والأراضي المغتصبة، ولهذا شاركت بفعالية في تعزيز تحرير المنطقة ومن ثم حمايتها من خلال وحدات حماية الشعب والمرأة ومن ثم قوات سوريا الديمقراطية، القوة التي قضت على تنظيمداعش، وعلى ما سمي بدولة الخلافة. لكن هذا الامر لم يرق للقوى الشوفينية العنصرية العربية والتركية، وتحولت الثورة الى أداة في يد تركيا لتضرب مكتسبات سوريا عامة، وشمال شرقها خاصة، من خلال هجمات مستمرة بدأت في 2012 في تل ابيض “كرى سبي” وبعدها سري كانية “رأس العين”، واستمرت الى احتلال جرابلس واعزاز ومن ثم عفرين وكري سبي ,وسري كانيه.

وبدأت قوات الاحتلال التركي مع مرتزقة سوريين، بتغيير ديمغرافية المنطقة المذكورة، وتدمير اوابدها التاريخية، وفرض اللغة والثقافة التركيتان، وتوطين عوائل المرتزقة والمهجرين، الذين جُلبوا من المناطق التي كانت “محررة”، في الغوطة وغيرها، وسلمت للنظام السوري، من أجل الحصول على سكوته وموافقته على الخطط الاجرامية التركية التي يتم تنفيذها في الشمال السوري.

والغريب هنا، ان يعتبر من هُجّر من داره في حمص ودمشق ودرعا وحلب وبقية مناطق التي خضعت ل “المصالحات” له الحق المشروع  في استيطان دار وأرض وتاريخ من تم تهجيرهم عنوة في عفرين وفي سري كانييه وكرى سبي.

 الاستيطان السوري الجديد اليوم، يندفع بالتغني بعطايا اردوغان، الذي دفعه الى الهجرة عن ارضه وداره في الجنوب، لتحقيق أهداف الميثاق الملي التركي، عبر القضاء على السكان الأصليين للمنطقة، وتهجيرهم، وقتل من يعترض، أو خنقه أو التنكيل به في السجون.

بالعودة الى الأهداف التركية في سوريا، فقد تم تنفيذها بأدوات سورية، ورضى ودعم امريكي وروسي، من خلال انسحاب الطرفين من مناطق تمركزهما، وترك قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة القوة الثانية في حلف الناتو، والمعززة بعشرات آلاف المرتزقة السوريين الإرهابيين.

هل حقق اردوغان أهدافه؟   

فتح ترامب لصديقيه بوتين واردوغان المجال لتحقيق اهدافهما في سوريا. هذه حقيقة لا جدال فيها.

فقد رسخ بوتين نفوذه في سوريا المفيدة، ورسخ اردوغان احتلاله للشمال، وفي المناطق الكردية. 

بقي خلاف بسيط بين الشريكين الروسي والتركي وهو الاتفاق على حصص البترول.

اردوغان يطالب بوتين بعد سيطرة الاخير على كامل الاقتصاد والسياسة السورية بحصة من عائدات البترول لاستكمال الاستيطان وسلخ كامل الشمال وشمال شرق- إذا استطاع السيطرة عليه كاملاً.

روسيا مترددة في الموافقة على طلب اردوغان، لسببين:

الاول بسبب وجود صعوبات كبيرة في ان تستطيع فرض سيطرتها على كامل شمال شرقي سوريا، بسبب وجود قوة نظامية مقاتلة، ولا ترغب في خلق عداء معها في الظرف الحالي.

والسبب الآخر عدم ثقة بوتين بالإدارة الامريكية في موضوع الانسحاب من مناطق الادارة الذاتية.

ومع زيادة وتيرة الاستيطان، والتغيير الديمغرافي في المناطق المحتلة، يلفّ الغموض مصير المنطقة ككل بسبب التجاذبات الروسية الامريكية فيها، وافتقار الجانب الأمريكي لخطط واضحة ترتبط بمستقبل تواجده.

يحاول بوتين اقناع صديقه ترامب بالانسحاب الفوري، خاصة أن عين اردوغان تنصبّ على المناطق التي مازالت القوات الامريكية منتشرة فيها، من رميلان وحتى ما قبل الشدادي. لانه يعتبر أن المناطق الممتدة بعد ذلك، تخص الحصّة الروسية.

اذا تحقق لاردوغان ذلك، فإن الخط الممتد الى الموصل وكركوك وكامل إقليم كردستان العراق، والمنصوص عليه في الميثاق الملّي، يصبح في متناول اليد، مع وجود اكثر من 20 قاعدة عسكرية موزعة في مناطق متفرقة من باشور.

حسين عمر

28/04/2020