المقالات

المقالات

لحظة عابرة

Hussein Omar
  • 5 مشاهدة view

لحظة عابرة
بقلم: حسين عمر

كانت لحظة عابرة، لكنها اختزنت عمرًا من الذكريات.وصلت مجموعة جديدة من المقاتلين والمقاتلات لتعزيز الخطوط الأمامية في الجبهة. وقف القائد “عكيد” أمامهم، يتحدث بلهجة جادة عن أهمية المهمة التي قدموا من أجلها وخطورتها. شرح بإيجاز عن الوضع العسكري في المنطقة، وعن مواقع تمركز العدو ونقاط قوته النارية.في زاوية من الصف، لفتت شيلان نظر روكن. لم تصدق عينيها، إنها صديقتها وجارتها، رفيقة الطفولة والشباب والنضال. كادت روكن أن تهرع إليها وتعانقها، لكن الموقف لا يسمح. لم يكن هناك متسع للعواطف وسط اجتماع عسكري.عند انتهاء القائد من حديثه، أعلن عن استراحة قصيرة قبل التحاق المقاتلين بمواقعهم. لم تنتظر روكن لحظة، صاحت:
— شيلان!

ثم ركضت نحوها.
شيلان، وقد باغتها الصوت والعاطفة، بقيت متسمّرة في مكانها، تحدق بدهشة في صديقتها التي كانت تتقدم نحوها بذراعين مفتوحتين ووجه تعلوه الضحكة والدموع في آنٍ معًا.عانقتا بعضهما بحرارة. لحظة اختلطت فيها المشاعر كلها: الفرح، الاشتياق، والخوف من فراق جديد.جلستا معًا في زاوية هادئة من موقع الاستراحة. تبادلتا الحديث، هذه المرة لم يكن الحديث عن الأفلام أو الأغاني، بل عن الجبهات، والأسلحة، وتحركات العدو.
ضحكت روكن وقالت مازحة:
— كنا لا نفترق عن شاشات المسلسلات… والآن صرنا نحن أبطال فيلم لا يستطيع أي مخرج تخيله.
ضحكت شيلان:
— فعلاً… حياتنا اليوم لا تشبه أي شيء آخر.مرت لحظات قليلة قبل أن يدوي صوت القصف. العدو بدأ استهداف بعض النقاط، فتم إنهاء الاستراحة مبكرًا.

ودّعتا بعضهما بسرعة، وتوجهت كل منهما إلى موقعها.
لكن كان هناك وعد… وعد بلقاء جديد، في استراحة قادمة، في نصر قريب، أو حتى في لحظة عابرة أخرى… تختصر العمر كلّه.