الحرب الاسرائيلية الايرانية والتأثيرات الجيوسياسية
- مقالات سياسية
- 21 يونيو 2025
-
6 مشاهدة
في ظلّ التصعيد العسكري المستمر بين إسرائيل وإيران، يبرز تساؤل هام لدى المراقبين: من الخاسر الأكبر في هذه المواجهة؟ وهل يمكن قياس الخسائر بمجرد أعداد القتلى أو حجم الدمار، أم أن التقييم يستوجب نظرة أعمق تأخذ في الحسبان طبيعة كل دولة، قدراتها، وحجم الدعم الذي تتلقاه؟عند مقارنة خسائر الجانبين، لا يمكن الاعتماد على الأرقام المجردة وحسب. إيران دولة ذات مساحة واسعة وسكان يفوق عددهم 85 مليون نسمة، مقابل إسرائيل التي لا يتجاوز عدد سكانها 10 ملايين. كما أن إسرائيل تحظى بدعم هائل من القوى الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، في حين تواجه إيران عزلة دولية وعقوبات اقتصادية منذ عقود.إسرائيل، رغم صغر حجمها، تُعد من أقوى الجيوش في الشرق الأوسط، وتتمتع بتفوق تكنولوجي واستخباراتي، وهو ما يجعل خسائرها في بعض الأحيان أكثر تأثيرًا رمزيًا من كونها مؤثرة استراتيجيًا. أما إيران، فكل خسارة تتكبّدها— سواء كانت بشرية أو مادية — تمثل ضغطًا مضاعفًا نظرًا للظروف الاقتصادية الصعبة، والانكماش الذي تعاني منه نتيجة العقوبات.اسرائيل ليست وحيدة في المعركة. تقف خلفها مجموعة الدول السبع، بالإضافة إلى عشرات الحلفاء في القارات الأربع،يقدّمون لها الدعم الاستخباراتي، العسكري، والاقتصادي. هذا الدعم لا يعني بالضرورة أن هذه الدول ترى أن إسرائيل على “حق”، بل هو ناتج عن تحالف استراتيجي عميق، حيث تُعتبر إسرائيل امتدادًا للمصالح الأميركية في المنطقة.على النقيض، تواجه إيران تحديات في كسب مساندة دولية،حتى من أقرب حلفائها. روسيا والصين تدعمانها أحيانًا بشكل غير مباشر، لكن لا يمكن اعتبار دعمهما مكافئًا لما تحصل عليه إسرائيل من الغرب، خصوصًا في اللحظات الحاسمة عسكريًا.من جانب آخر، هناك خسائر يصعب قياسها بالأرقام، مثل الخسائر السياسية والمعنوية.تعرّض إسرائيل لهجمات نوعية يضرب صورتها كدولة “منيعة”، وقد يضعف من ردعها الإقليمي. بالمقابل، فإن إيران، رغم الضربات التي تتعرض لها، تنجح في الحفاظ على قدرتها على الرد وتثبيت خطاب “الصمود”، وهو أمر لا يقل أهمية في المعارك طويلة الأمدعلى صعيد التبرير الدولي للصراع، تبرز شهادة مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية التي أكدت أن “إيران لم تصل بعد إلى مرحلة امتلاك السلاح النووي”. هذا التصريح، رغم أهميته، لم يغيّر من واقع الاصطفاف الدولي ضد إيران. الرئيس الأميركي دونالد ترامب نفسه كذّب هذا التقرير، دعمًا لرؤية بنيامين نتنياهو، ما يعكس حقيقة أن المواقف السياسية تجاه إيران لا تُبنى فقط على المعلومات الاستخباراتية، بل على مصالح استراتيجية ورؤية إيديولوجية أوسع.في المحصلة، يمكن القول إن الخسائر المادية والبشرية حتى الآن متقاربة نسبيًا، ولكن إذا نظرنا من زاوية الأثر الاستراتيجي والدعم الدولي، فإن إسرائيل حتى الآن في وضع أكثر “أمانًا”، بينما تتحمل إيران أعباء الحرب وحدها. ومع ذلك، إذا طال أمد النزاع، فإن إسرائيل قد تواجه مأزقًا أخلاقيًا وسياسيًا على الساحة الدولية، خاصة إذا تصاعدت الخسائر البشرية في صفوف المدنيين.لكن ايران ستحصر في زاوية ضيقة وستطر الى التخلي عن برنامجها النووي اذا استمرت اسرائيل في قصفها اليومي وتدخلت الولايات المتحدة الى جانبها.الخلاصة أن الحرب ليست مجرد مواجهة بين جيشين، بل هي اختبار لقدرة كل طرف على تحمّل الاستنزاف، والصمود في ظل تحولات النظام الدولي.الميال لصالح اسرائيل في المدى المنظور .